اليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية.. دعوة لحماية قيم التسامح في زمن التواصل الرقمي
اليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية.. دعوة لحماية قيم التسامح في زمن التواصل الرقمي
تحتفي الأمم المتحدة في 18 يونيو الجاري من كل عام باليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية، في مناسبة أممية تعكس القلق العالمي المتصاعد من تنامي خطاب الكراهية وما يترتب عنه من تهديد للسلم الأهلي والتماسك المجتمعي وحقوق الإنسان.
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوليو 2021 اعتماد 18 يونيو يومًا دوليًا لمكافحة خطاب الكراهية، استنادًا إلى استراتيجية الأمم المتحدة وخطة عملها بشأن خطاب الكراهية، التي أُطلقت في 18 يونيو 2019 بمبادرة من الأمين العام أنطونيو غوتيريش، في ظل تصاعد حاد في خطابات التمييز والعنصرية والتحريض على العنف حول العالم.
ودعت الأمم المتحدة، من خلال القرار الأممي، جميع الدول الأعضاء والجهات الفاعلة إلى تكثيف الجهود للحد من خطاب الكراهية بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما حثت على تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات وتكريس التسامح والاحترام المتبادل.
خطاب الكراهية والذكاء الاصطناعي
يُسلّط اليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية 2025 الضوء على "العلاقة بين خطاب الكراهية والذكاء الاصطناعي: بناء تحالفات لاستعادة المساحات الشاملة والآمنة الخالية من الكراهية"، من خلال فعالية رفيعة المستوى نظمتها البعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة بالشراكة مع مكتب المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية ومركز حقوق الإنسان بجامعة إسيكس.
وشدد المشاركون في هذه الفعالية، التي احتضنتها قاعة المؤتمرات رقم 5 بمقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم 16 يونيو، على الحاجة إلى حوكمة الذكاء الاصطناعي بما يضمن عدم تحوّله إلى أداة لنشر الكراهية أو تعزيز الانقسامات الاجتماعية، مؤكدين أن التكنولوجيا يمكن أن تكون أيضًا وسيلة للإنذار المبكر والحماية من العنف وخطابات التحريض.
من جانبه، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في رسالة له بهذه المناسبة، أن خطاب الكراهية يمثّل تحديًا عالميًا خطيرًا، موضحًا أن التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي سهّلت انتشاره على نطاق واسع وبوتيرة متسارعة، وأشار إلى أن هذه الخطابات تُقوّض الحقوق والحريات، وتُغذي النزاعات، وتدفع نحو العنف والتهميش، ما يستدعي استجابة عالمية شاملة ترتكز على مبادئ حقوق الإنسان.
وتُعرّف الأمم المتحدة خطاب الكراهية بأنه "أي نوع من التواصل، سواء أكان تعبيرًا لفظيًا أو كتابيًا أو سلوكًا، يهاجم أو يحرّض أو يميز ضد أفراد أو مجموعات على أساس السمات المُكونة لهويتهم، مثل الدين أو العرق أو الجنس أو الأصل القومي".
ورغم غياب تعريف قانوني موحد على الصعيد الدولي، فإن اتفاقيات حقوق الإنسان –وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية– تنص على ضرورة حظر أي دعوة للكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف.
مسؤولية جماعية
تدعو الأمم المتحدة في هذه المناسبة جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك الدول، والمؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام، ومنصات التكنولوجيا، والمجتمع المدني، إلى بناء شراكات متعددة الأطراف تضمن التصدي لخطر الكراهية، دون المساس بحرية الرأي والتعبير.
وتؤكد استراتيجية الأمم المتحدة أن التصدي لخطاب الكراهية يجب أن يراعي السياقات الثقافية والاجتماعية والسياسية المختلفة، وأن يهدف إلى منع الجرائم الفظيعة، باعتبار أن تصاعد هذا الخطاب يُشكل مؤشرًا مبكرًا على احتمالات اندلاع العنف، بما فيه العنف الجماعي أو الإبادة الجماعية.
الأطفال في قلب العاصفة
سلطت الحملة الأممية "#لا_للكراهية" الضوء على التحديات الرقمية الجديدة، مشيرة إلى أن الأطفال والمراهقين يتعرضون بشكل متزايد للتنمر وخطاب الكراهية الإلكتروني، ما يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية واندماجهم المجتمعي، ودعت الأمم المتحدة إلى نشر التوعية وتعزيز ثقافة الاحترام والتسامح داخل المدارس والمنصات الإلكترونية، خاصة في ظل التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي.
يشكل اليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية فرصة سنوية لتجديد الالتزام العالمي ببناء عالم أكثر عدالة وتسامحًا وشمولًا، بعيدًا عن كل أشكال التمييز والتحريض والإقصاء.
وترى الأمم المتحدة أن مكافحة خطاب الكراهية ليست مجرد مسؤولية قانونية، بل واجبا أخلاقيا يقع على عاتق كل فرد، سواء كان مواطنًا عاديًا أو صانع قرار أو مستخدمًا للإنترنت.
وفي عالم يزداد فيه التوتر والانقسام، تبقى الكلمة الطيبة والسلوك الإيجابي والموقف الواعي أدوات لا غنى عنها لبناء مستقبل أكثر أمنًا واحترامًا للجميع.